مصر تسطر ذاكرتها
رمزي الغزوي
رمزي الغزوي أديب وإعلامي أردني عربي
نيسان ـ نشر في 2025-11-03 الساعة 10:36
نيسان ـ ليست كل الأبواب تدعوك بكل ثقة للدخول حين تُفتح. بعضها يفتح فقط لتذكّرك بما كان، وبما مضى منها ومن المكان. ومصر حين فتحت باب متحفها الكبير باحتفال رزين عميق، لم تكن تبحث عن ضوء جديد، بل عن ظلها القديم، عن ملامحها التي تسرّبت بين الأزمنة.
هذا الصرح المجاور للأهرامات، يتجاور الصمت والضوء، وكأن الحجر نفسه يستعيد ذاكرته ومجده. آلاف القطع لا تروي تاريخا غابرا، بل تجربة إنسانية متعبة ومستمرة، تشهد أن الزمن مهما تقدّم يبقى عالقا في تفاصيل اليد الأولى التي نحتت واليد الأخيرة التي تنظفه اليوم من غبار القرون وأثقالها.
ما فعله المصريون أول أمس لم يكن إلا لحظة استعادة. الناس في الشوارع والمقاهي يتابعون الحدث كمن يعثر على شيء يخص كل واحد منهم. لم يحتفلوا بالتاريخ وما يملأه من أحداث، بل احتفوا بالاستمرار. وكأنهم يقولون إن ما يبقيهم متماسكين تلك الذاكرة التي لا تنقضي مهما تشاغلوا عنها.
هذا المتحف لا يعرض آثارا بل يخلق وعياً. ويضعنا أمام السؤال الذي يتهرب منه الجميع: هل يكفي أن نحافظ على الماضي كي نصبح أبناءه الصالحين؟ أم علينا أن نصنع له امتدادا جديدا في حياتنا اليومية؟ في القاعة التي تصطف فيها تماثيل الملوك، يبدو لي الحاضر صغيرا لكنه ليس ضائعاً. فثمة مساحة مشتركة بين من عاش قبل خمسة آلاف عام، ومن يقف اليوم أمام الزجاج يتأمل وجهه في انعكاس الزمن التليد.
من المهم أن نذكر أنه ورغم أن أصواتاً حاولت التشويش على ذلك المتحف وضرورته منذ أن كان فكرة إلا أن المصريين لم ينشغلوا بها. أدركوا ببساطة أن الحضارة لا تحتاج إلى فتوى دينية لتبقى، وأن الفرح لا يناقض الإيمان. يعرفون بالفطرة أن الإنسان حين يحتفي بجذوره إنما هو احتفاء بقدرته على البقاء.
المتحف بداية جديدة لقراءة الذات من جديد. هناك، حيث يتنفس الحجر، تقول مصر للعالم بصوت خافت وواثق: لسنا نبحث عن عز مضى، بل نحاول فقط أن نتذكر أنفسنا كما كنا، وكما يجب أن نكون. مبارك للشقيقة مصر العربية.
هذا الصرح المجاور للأهرامات، يتجاور الصمت والضوء، وكأن الحجر نفسه يستعيد ذاكرته ومجده. آلاف القطع لا تروي تاريخا غابرا، بل تجربة إنسانية متعبة ومستمرة، تشهد أن الزمن مهما تقدّم يبقى عالقا في تفاصيل اليد الأولى التي نحتت واليد الأخيرة التي تنظفه اليوم من غبار القرون وأثقالها.
ما فعله المصريون أول أمس لم يكن إلا لحظة استعادة. الناس في الشوارع والمقاهي يتابعون الحدث كمن يعثر على شيء يخص كل واحد منهم. لم يحتفلوا بالتاريخ وما يملأه من أحداث، بل احتفوا بالاستمرار. وكأنهم يقولون إن ما يبقيهم متماسكين تلك الذاكرة التي لا تنقضي مهما تشاغلوا عنها.
هذا المتحف لا يعرض آثارا بل يخلق وعياً. ويضعنا أمام السؤال الذي يتهرب منه الجميع: هل يكفي أن نحافظ على الماضي كي نصبح أبناءه الصالحين؟ أم علينا أن نصنع له امتدادا جديدا في حياتنا اليومية؟ في القاعة التي تصطف فيها تماثيل الملوك، يبدو لي الحاضر صغيرا لكنه ليس ضائعاً. فثمة مساحة مشتركة بين من عاش قبل خمسة آلاف عام، ومن يقف اليوم أمام الزجاج يتأمل وجهه في انعكاس الزمن التليد.
من المهم أن نذكر أنه ورغم أن أصواتاً حاولت التشويش على ذلك المتحف وضرورته منذ أن كان فكرة إلا أن المصريين لم ينشغلوا بها. أدركوا ببساطة أن الحضارة لا تحتاج إلى فتوى دينية لتبقى، وأن الفرح لا يناقض الإيمان. يعرفون بالفطرة أن الإنسان حين يحتفي بجذوره إنما هو احتفاء بقدرته على البقاء.
المتحف بداية جديدة لقراءة الذات من جديد. هناك، حيث يتنفس الحجر، تقول مصر للعالم بصوت خافت وواثق: لسنا نبحث عن عز مضى، بل نحاول فقط أن نتذكر أنفسنا كما كنا، وكما يجب أن نكون. مبارك للشقيقة مصر العربية.
نيسان ـ نشر في 2025-11-03 الساعة 10:36
رأي: رمزي الغزوي رمزي الغزوي أديب وإعلامي أردني عربي


